تعامل النظام الإيراني مع بايدن أصعب من تعامله مع ترامب

فوز بايدن لو كان مفيدا لأي شخص، فلن يأتي بشيء للنظام الإيراني مع سياساته الحالية إلا ما يتزايد من مشقة وضيق لهذا النظام.

أحمد زيد آبادي

يكاد دخول جو بايدن في البيت الأبيض يكون متأكدا كما يبدو، ومن المستبعد للغاية أن يكتب النجاح لاحتجاج دونالد ترامب على عملية فرز الأصوات. فسوف يضطر ترامب إلى الرضوخ لنتيجة الانتخابات وإنهاء النزاع عاجلا أم آجلا.

ولكن لنرى ماذا سيترك دخول بايدن في البيت الأبيض من التأثير على إيران؟ فهناك العديد من المحللين يرون أن دخول بايدن في البيت الأبيض سيسهل الأمر للنظام الإيراني في علاقاته مع أميركا، ولكني أرى أن الأمر على عكس ذلك تماما! وذلك لسببين.

السبب الأول أنه ومن وجهة نظري إذا لم يشأ النظام الإيراني أن يجلس على طاولة المفاوضات مع الإدارة الأمريكية الجديدة في أسرع وقت قبل أن يتم التصالح وبل شاء أن يقف بوجهها، فلا شك أن تناطحه مع بايدن سيكون أصعب للغاية من تناطحه مع ترامب.

فإن ترامب كان وعلى الصعيد الدولي رئيسا أنانيا متفردا وكان يتعرض للانتقاد وبل للكراهية لدى العديد من الدوائر الليبرالية واليسارية في العالم. فلذلك كان رفض إيران دعوته للتفاوض والحوار يقترن بتأييد وتفهم من قبل هذه الدوائر وبحياد ولامبالاة من قبل العديد من الدول. ولكن الرد السلبي لبايدن ورفض دعوته إلى الحوار قد يجلب للنظام الإيراني مزيدا من العزلة لدى الدول وإثارة الغضب لدى الدوائر الليبرالية واليسارية على الصعيد العالمي وقد يتسبب في مزيد من استفزاز الرأي العام داخل إيران وبالتالي يمهد الطريق أكثر مما مضى لفرض أي نوع من الضغوط والمضايقات على النظام الإيراني.

أما السبب الثاني فهو يعود إلى موقف بايدن من القضية الفلسطينية. ففي الحقيقة حاول ترامب وبواسطة مشروع سلام غير عادل وغير قابل للدفاع، أن يقنع دولا عربية بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل. هذا التطبيع ولسبب كون صفقة القرن الترامبية غير منصف، أثار غضب الفلسطينيين من جهة وتسبب في نكسة ظاهرة أو خفية لقادة العرب المتبادرين إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لدى الرأي العام في المنطقة. ولكن بإمكان بايدن أن يتبعد عن الجوانب الأكثر سلبية لمشروع ترامب ليخمد نار غضب الفلسطينيين ويجرهم إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل من جهة ويحوّل تطبيع العلاقات من أمر مخجل إلى أمر ليس بالضرورة داعيا للتباهي بل وفي الأقل إلى أمر عادي وطبيعي من جهة أخرى بحيث تقوم غالبية الدول العربية والإسلامية بالانضمام إلى عملية السلام هذه هادئة البال وبكل طمأنينة!.

فطبعا في تلك الحالة، سيكون وقوف النظام الإيراني بوجه تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل أصعب وأكثر للغاية كلفة ودفعا للثمن مما هو اليوم.

إذًا فإن فوز بايدن لو كان مفيدا لأي شخص، فلن‎ ‎يأتي بشيء للنظام الإيراني مع سياساته الحالية إلا ‏ما يتزايد من مشقة وضيق لهذا النظام.