بيان صادر عن رابطة الكُتّاب الإيرانيين في إعلان التضامن مع حركة التحرّر لأبناء الشعب الإيراني

لا شيء يمكن أن يضاف إلى ما يهتىف به الأبناء الشجعان لشعبنا في الشوارع بدفع الثمن من حياتهم. لكن يجب على جميع الكُتّاب والفنّانين والمنظّمات المهنية والثقافية، والمؤسسات المستقلة التحررية أن يعلنوا عن دعمهم لحركة التحرير الشعبية في إيران، بصراحة وبعيدًأ عن المذهب المعتاد هو “البقاء سالمين”؛ وهي حركة تحتاج إلى التضامن أكثر من أي شيء لتستمر.

إن الحركة التي شملت الآن كل البلد تقريبًا تأتي نتيجة الغضب الشعبي العارم منذ أربعين عامًا. لقد حاول نظام الحكم القائم في إيران، منذ إنشائه ، قمع ورقابة الفن والأدب اللذين يعكسان اليوم روح الحياة البشرية، وذلك باستخدام الإكراه وإنفاق مبالغ ضخمة من الميزانية العامة للدولة فيما يسمى بمشاريع الثقافة والأيديولوجيا ولحرمان أبناء الشعب الإيراني وخاصة جيل الشباب في البلد من حقهم الطبيعي في العيش بحرية ودمجهم بالشكل الذي يرغبون فيه. من الواضح أن مضاعفات مثل هذه السياسة القمعية تصيب نساء المجتمع أكثر من غيرهن، حيث عانين من جميع أنواع التمييز بين الجنسين ورفعن أصواتهن للاحتجاج في كل فرصة.

فمنذ السنوات الأولى للحجاب الإلزامي أي منذ عشية ثورة 1979 لقد أدركت النساء التقدميات الواعيات في إيران وهن على حق في ذلك أن فرض الحجاب عليهن، ليس فقط فرضًا لنوع من تغطية الرأس أو الحجاب، وإنما إهانة لكرامتهن الإنسانية، بل وأكثر من ذلك، يمثّل “حجب الحرية بالذات”؛ وبالتالي كانت حركة المرأة الإيرانية من أجل المساواة و لا تزال جزءًا مهمًا من حركة الحرية للشعب الإيراني في العقود القليلة الماضية؛ وهي حركة ارتبطت هذه المرة باسم شابة وفقدان حياتها الغالية.

فمن نقطة انطلاق هذه الحركة أي مقتل مهسا (جينا) أميني، إلى الشعار الشامل المتمثل في هذه الأيام بهتافات حشود المتظاهرين في جميع أنحاء إيران وهو: “المرأة، الحياة، الحرية”، توحّدت مجموعات النساء التي كانت في وقت سابق قد تعرضت للقمع والتفريق بطرق مختلفة واستمرت الاحتجاجات، وعلى امتداد المظاهرات الاحتجاجية للنساء في كل من مدينتي سقز وسنندج في كرىستان الإيرانية سجّلت مجموعات النساء الإيرانيات أول دعوة للاحتجاج في الشارع بعد مقتل مهسا أميني الإيرانية الكردية من أهالي مدينة سقز في كردستان الإيرانية. أنهم اختاروا شارع “حجاب” في طهران لفضح هذا الرمز الواضح للهيمنة ومعاداة الحرية.

أصبح الحجاب، الذي كان أداة للعنف المنهجي للجمهورية الإسلامية ضد حياة نصف سكان إيران لمدة أربعين عامًا، رمزًا للهيمنة والقمع لجميع أبناء الشعب الإيراني. كما إن التواجد الكبير لجمهور المواطنين الإيرانيين في الشوارع وانضمام الإيرانيات إلى حركة نزع وحرق أغطية الرؤوس (الحجاب) وترديدهنّ الشعارات التقدمية أمور أفشلت محاولة النظام تقليص مطلب المواطنين وهو حلّ جهاز “دوريات الإرشاد” وأظهرت أن الطريق إلى حرية المجتمع يمر عبر حرية النساء.

إن العنف الجامح الذي يمارسه نظام الحكم القائم في إيران ضد المتظاهرين وحرمانهم من حقهم الطبيعي في التعبير عن مطالبهم حوّل الشارع مرة أخرى إلى مسلخ لأنبل وأشجع أبناء إيران. وردا على ذلك، زاد الأهالي من عدد نقاط التجمع، فدخلوا ساحة النضال في المدن الإيرانية من حيّ إلى حيّ، وفتحوا أبواب منازلهم أمام الجرحى والمتظاهرين المحتجين، ونظموا قواتهم من شارع إلى شارع بأيادي فارغة وهي قوة عظيمة متجذرة في الحرية والمطالب الديمقراطية.

 إن المبدأ الأول لميثاق رابطة الكتاب الإيرانيين هو نقطة الاتصال بين الرابطة وحركات الحرية لأكثر من 50 عامًا. وخلال هذه السنوات، كانت الرابطة أصرّت بشدة على الحق في حرية التعبير “دون أي قيود أو استثناءات وللجميع”. إنّ حرية التعبير ليست مجرد قضية نقابية للكُتّاب بل إن حرية التعبير هي الأساس والأرضية لتكوين المنظمات والحركات والشريان الرئيسي لحياتها.

إن الحكومة مدعومة بسنوات من القمع الممنهج لحرية التعبير وبفرضها الرقابة الشاملة والسيطرة والتقييد على الفضاء الافتراضي الأمر الذي بلغ ذروته هذه الأيام، وهي باللجوء إلى احتكار الإعلام تقوم بخطلف وقتل المتظاهرين في الشوارع. لكن المواطنين الذين عاشوا دومًا أجواء الكبت والخناق شقّوا طريقهم وفتحاتهم في قلب هذا الدمار والظلام حتى نقلوا أصواتهم ومطالبهم إلى الساحة العامة.

إن رابطة الكُتّاب الإيرانيين تعلن تضامنها مع حركة الحرية للشعب الإيراني وتدعو الكتاب والفنانين الذين ترتبط حياتهم المهنية بحرية التعبير، وكذلك المنظمات والمؤسسات المتسايرة معنا في العالم بأسره، إلى أن يكونوا صوت حركة التحرير للشعب الايراني.

رابطة الكُتّاب الإيرانيين

23 أيلول (سبتمبر) 2022