فلسطين.. هل يصلح بايدن ما أفسده ترامب؟

 «القدس العربي»  8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020:

رام الله – عوض الرجوب:

 لم يخفِ الفلسطينيون ارتياحهم من خسارة الرئيس الأمريكي الحالي والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، في السباق الانتخابي نحو البيت الأبيض.

لكن محللين وسياسيين فلسطينيين استبعدوا أن يؤدي فوز المرشح الفائز جو بايدن إلى تغيير السياسة الأمريكية “التقليدية” الداعمة لإسرائيل.

والسبت، أعلنت وسائل إعلام أمريكية فوز جو بايدن بالسباق إلى البيت الأبيض، على حساب الرئيس الحالي الجمهوري دونالد ترامب، الذي رفض الاعتراف بالهزيمة، حسبما أكدت حملته الانتخابية.

وعانى الفلسطينيون كثيرا، في عهد ترامب منذ توليه السلطة، مطلع 2017.

ففي 6 ديسمبر/ كانون الأول 2017، أعلن ترامب رسميا، اعتراف إدارته بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.

وفي مايو/ أيار 2018، نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس.

في المقابل، أعلنت السلطة الفلسطينية قطع اتصالاتها مع إدارة ترامب، واستمرت القطيعة حتى اليوم.

على صعيد التضييق الاقتصادي، بدأت واشنطن في 16 يناير/كانون أول 2018، تقليص مساعداتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”.

ثم في 3 أغسطس/ آب 2018، قررت قطع كافة مساعداتها.

ومنذ ذلك الوقت، تعاني “أونروا” من أزمة مالية خانقة، أثرت على تقديم مساعداتها للفلسطينيين.

وفي 2 أغسطس/ آب 2018، أعلنت السلطة الفلسطينية أن الإدارة الأمريكية أوقفت كل مساعداتها للفلسطينيين، بما يشمل المساعدات المباشرة للخزينة وغير المباشرة.

ولاحقا في 10 سبتمبر/ أيلول 2018، أغلقت الإدارة الأمريكية مكتب منظمة التحرير بواشنطن، وحساباتها المصرفية، وبعد أيام طردت السفير الفلسطيني لديها حسام زملط وعائلته.

وفي يناير/ كانون الثاني 2020، أعلن ترامب خطة “صفقة القرن”، لتصفية القضية الفلسطينية، والتي تتضمن إجحافا كبيرا بالحقوق الوطنية الفلسطينية، وتدعو إلى إقامة حكم ذاتي، تحت مسمى “دولة”، على مناطق سكنية غير متصلة جغرافيا، وتقطع أوصالها المستوطنات الإسرائيلية.

وفي 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، سمحت واشنطن لمواليد القدس من الأمريكيين، بتسجيل إسرائيل مكانا للميلاد، وهي خطوة يراها الفلسطينيون تكريسا لاعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة مزعومة لدولة الاحتلال.

وسبق للسفير الأمريكي بإسرائيل، ديفيد فريدمان أن أعلن عن رغبة واشنطن في تغيير القيادة الفلسطينية الحالية، قبل أن يتراجع عن تصريحاته.

كما دعم ترامب التطبيع العربي والإسلامي، مع إسرائيل، قبل حلّ القضية الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

وندد الفلسطينيون، باتفاقيات التطبيع الأخيرة، واعتبروها محاولة لتدمير الحاضنة العربية والإسلامية لهم، ومحاولة للضغط عليهم للقبول بالتفريط بحقوقهم الوطنية.

وأصدر عدد من القادة الفلسطينيين، تصريحات، أشادوا فيها بخسارة “ترامب” للانتخابات.

وقال شعث الممثل الخاص للرئيس الفلسطيني: “لم يكن هناك أسوأ من عهد ترامب (..) الخلاص منه مكسب”.

مع ذلك، قال المسؤول الفلسطيني: “لا نتوقع تغييرا استراتيجيا كبيرا في الموقف السياسي الأمريكي (تجاه القضية الفلسطينية)”.

وفي السياق ذاته، غردت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي، قائلة: “أمريكا تتخلص من ترامب”.

ونقل الموقع الإخباري لمنظمة التحرير عن عضو اللجنة التنفيذية تيسير خالد، قوله إن نتائج الانتخابات الأمريكية: “بداية النهاية لعهد ظلامي حاول (ترامب) فرضه على المنطقة”.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم، إن ترامب كان الرئيس “الأكثر سوءا بالنسبة للفلسطينيين بما قام بها من قرارات مجحفة بالنسبة للقضية الفلسطينية وخاصة بما يتعلق بخطة صفقة القرن”.

لكن إبراهيم أضاف مستدركا: “جو بايدن لا يفرق عن ترامب أو الإدارات الأمريكية السابقة في دعمه لإسرائيل، لكن ربما يختلف الأمر بالطريقة والأسلوب الذي سوف يتخذه”.

وتوقّع إبراهيم: “استئناف السلطة الفلسطينية للتنسيق الأمني مع إسرائيل، واستعادة أموال المقاصة”، التي تحتجزها إسرائيل.

وتوقع المحلل الفلسطيني أن “تنتظر الإدارة الأمريكية الجديدة فترة من الزمن للعودة لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية”.

وتوقفت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية عام 2014، لعدة أسباب بينها مضي إسرائيل في المشاريع الاستيطانية وعدم إتمام الإفراج عن أسرى قدامى.

ولفت إبراهيم إلى أن جو بايدن: “داعم للاستيطان والإسرائيليين”، وغير مستبعد أن “يتخذ جملة من القرارات لصالح إسرائيل”.

وتوقّع أن تعود المساعدات الأمريكية التي أوقفها ترامب عن السلطة الفلسطينية ووكالة الغوث وتشغيل اللاجئين “أونروا”.

من جهته يقول المحلل السياسي خالد العمايرة، إن الرئيس الأمريكي والمرشح الخاسر دونالد ترامب كان “بمثابة كابوس على أمريكا والعالم، وكثيرون لن يذرفوا الدموع على رحيله”.

وأضاف: “ترامب كان أيضا بمثابة سرطان خبيث بالنسبة للفلسطينيين، لذلك هناك فرحة بخسارته حتى بين المواطنين العاديين”.

على المستوى السياسي، قال العمايرة: “لا نتوقع معجزات من جو بايدن، لكن الفلسطينيين كالذي يتعلق بقشة حتى لا يغرق”.

وتوقّع المحلل السياسي أن يعيد بايدن فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، الذي أغلقه ترامب وإعادة المساعدات التي حجبها عن السلطة ووكالة الغوث.

ورجح العمايرة احتمال عودة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية برعاية أمريكية: “لكنها ستظل تدور في حلقة مفرغة، وتنتهي سنوات بايدن الأربع، دون أي تقدم”.

وقال إن بايدن سيتبنى سياسة الرئيس الأسبق باراك أوباما، والذي كان نائبا له، “فقد استمر الاستيطان والدعم المالي لإسرائيل”.

داخليا، لم يستبعد المحلل الفلسطيني وقف أو تجميد الحوار الوطني، مقابل عودة المساعدات الأمريكية.

وأضاف: “إذا حدث هذا ستكون كارثة سياسية، لأن القيادة تثبت أنها لم تتعلم من دروس الماضي”.

وفي 3 سبتمبر/ أيلول الماضي، عقد الأمناء العامون للفصائل الفلسطيني اجتماعا توافقوا فيه على إنهاء الانقسام وإجراء انتخابات، والتصدي لصفقة القرن ومسلسل التطبيع العربي مع إسرائيل، ثم تواصلت الحوارات دون أن يعلن عن خطوات عملية في الملفات المذكورة.

واستبعد العمايرة تراجع نتنياهو عن خطة الضم.

وقال: “نتنياهو لن يوقف الضم، لأن بقاء حكومته ونجاحه في أي انتخابات مستقبلية مرهون ببقاء الخطة، حيث أنه يسعى لإرضاء الجمهور اليميني المتطرف”.

أما أمين عام حركة المبادرة الوطنية، مصطفى البرغوثي فدعا إلى عدم المراهنة على الإدارة الأمريكية الجديدة.

وقال البرغوثي: “لا يجب على الفلسطينيين أن يراهنوا على ما يجري في أمريكا، بل على ما يجري في فلسطين، وأن نعتمد على أنفسنا”.

وأضاف: “علينا توطيد وحدتنا الوطنية، وتبني استراتيجية وطنية بديلة لما فشِل، بما في ذلك اتفاق أوسلو”.

ودعا إلى الكف عن “المراهنة على المفاوضات والإدارة الأمريكية أيا كان رئيسها كجهة راعية لها، لأن الإدارة الأمريكية لا يمكن أن تكون محايدة لانحيازها لإسرائيل”.

وفي تصريحات سابقة، قال بايدن إنه سيعيد المساعدات للفلسطينيين، ويسعى إلى تعزيز مبدأ “حل الدولتين”، حال فوزه.