هل يمكن تجنب المواجهة بين الولايات المتحدة و إيران؟

ليس للولايات المتحدة ولا إيران رغبة في  السير على نفس الطريق

الذي كاد أن يقودهم إلى حافة صراع كامل في يناير الماضي

 

بقلم دانيال آر ديبتريس زميل في “أولويات الدفاع” وكاتب عمود في “نيوزويك

نقلا عن صحيفة “نشنال انتيرست” الأمريكية – 7 كانون الأول (ديسمبر) 2020

 

آخر ما تحتاج إليه واشنطن هو إنشاء سيناريو لينشب نزاع آخر في الشرق الأوسط. إن مقتل محسن فخري زاده مثال بارز على ذلك ويؤكد لنا مدى إمكانية أن تخرج بها الأحداث في هذه المنطقة بسرعة عن نطاق السيطرة وكذلك يؤكد الحاجة الماسة لدى السياسة الخارجية الأمريكية إلى العقل السليم. هل يستطيع جو بايدن إجراء تغيير نحو الأفضل عندما يتعلق الأمر بإيران؟

بعد ما يقرب من عام على مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار على مشارف مطار بغداد الدولي، استيقظ الإيرانيون على نبأ تعرض أحد علمائهم النوويين البارزين محسن فخري زاده لكمين واغتيل خارج طهران. يُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل هي المسؤولة عن العملية وذلك ليس افتراضا غير معقول بالنظر إلى عمليات الموساد السابقة ضد برنامج طهران النووي على مدى العقد الماضي.

لكن في النهاية، أياً كان من خطط للعملية وأية جهة نفذتها ضد موكب فخري زاده، فهو أقل أهمية بكثير من حقيقة أن درجة الحرارة مع إيران وصلت مرة أخرى إلى نقطة الغليان. عندما حدث هذا آخر مرة في كانون الثاني (يناير) الماضي مع أن إدارة ترامب تمكنت من تهدئة الموقف دون مقتل أمريكي واحد (على الرغم من تشخيص أكثر من 100 جندي أمريكي بإصابة دماغية رضحية بسبب الضربة الصاروخية الباليستية الانتقامية التي شنتها إيران على القوات الأمريكية في العراق).

إن الحكومة الإيرانية غاضبة منذ اغتيال فخري زاده؛ فإذا كان هناك شيء واحد يتمكن من تقريب المتشددين والمحافظين والبراغماتيين والإصلاحيين في النظام الإيراني بعضهم للبعض، فهو هجوم من قبل قوة أجنبية ضد المصالح الإيرانية. وهذا يأتي بشكل خاص عندما يكون الهدف شخصًا إيرانيًا ذائع الصيت مثل سليماني أو فخري زاده. وقد تعهد المرشد الأعلى علي خامنئي بإنزال “عقوبة محتمة” على مرتكبي اغتيال فخري زاده.

ويبدو أنه لا يزال هناك جزء كبير من النخبة  السياسية الإيرانية لا يرغب في خوض أي غمار. وتتطلع إدارة روحاني إلى التقويم أملًا في انفراج صغير مع واشنطن. هذا وسيكون جو بايدن رئيسًا للولايات المتحدة في أقل من شهرين، مما يعني أن حملة سنوات طويلة من الضغط الأقصى ضد اقتصاد طهران قد تصبح شيئًا من الماضي قريبًا. كما ودعا الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف علنًا إدارة بايدن المقبلة إلى العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، المعروفة أيضًا باسم الاتفاق النووي الإيراني. وكرر ظريف هذا الموقف في تصريحات لمنافذ إخبارية إيرانية قائلا: رغم أن واشنطن وطهران لديهما “خلافات جوهرية”  على حد قوله يمكن لكليهما على الأقل اتخاذ خطوات لتحسين العلاقات ككل. وصرح مستشار الأمن القومي الأمريكي المعين جيك سوليفان بأن الرئيس المنتخب مستعد لإعادة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة إذا تراجعت طهران عن انتهاكاتها السابقة.

ليس للولايات المتحدة ولا إيران رغبة في  السير على نفس الطريق الذي كاد أن يقودهم إلى حافة صراع كامل في يناير الماضي.