على عتبة الذكرى الثانية والأربعين للثورة الإيرانية، هل كانت هناك إنجازات للثورة الإيرانية عام 1979؟

نظام الحكم القائم في إيران هو الذي تسبب في ابتعاد المجتمع الإيراني عن دين الملالي وكراهية عموم الناس له الأمر الذي روج له “كسروي” والمثقفون الإيرانيون الآخرون، فحاليا يجب تهيئة الإمكانية لإضفاء الطابع التأسيسي لهذا الإنجاز التأريخي.

 

كتبه: رضا شيرازي عضو مجلس إدارة المرحلة الانتقالية الإيراني

في ما يتعلق بثورة شباط (فبراير) الإيرانية عام 1979 قد يمكن القول إن كتاب “الاقتصاد السياسي الإيراني” بقلم “كاتوزيان” وكتاب “إيران بين الثورتين” بقلم “أبراهاميان” يبدوان أشملين من الكتب الأخرى في مجال الثورة الإيرانية لأنهما قد شرحا مختلف الأسباب والخلفیات التي أدت إلى قيام تلك الثورة.

وأعتقد أنه يمكن تفسير وتحليل الثورة الإيرانية بالانطلاق من الجدل والمناوشة بين التقليد والحداثة أيضا. لأن قادة تلك الثورة وبتشدقهم ببعض المبادئ والقيم الخاصة للنظام السياسي الحديث المتمثل في النظام الجمهوري، تمكنوا من إرساء دعائم الحكم الديكتاتوري الديني في إيران وإنشاء مزيج أو خليط يسمى بالجمهورية الإسلامية.

فإن النظام السياسي الناتج عن ثورة شباط الإيرانية عام 1979 قد أرسى في إيران القوائم والإطارات الرئيسية لفكر الفقاهة والرؤية الكهنوتية أو رؤية رجال الدين المتجسدة في التمييز والاضطهاد والسلطوية الدينية على هيئة نظام حكم ديكتاتوري ديني. كما وتمكن بإطلاق شعار الاستقلال السياسي من بلورة وتطبيق معاداة الغرب وفي الوقت نفسه من توصيل كل مقومات المجتمع الاقتصادية إلى السوق أي إلى الاقتصاد التجاري القائم على حصاد أرباح بلا جهد لينشئ نظام حکم عائلي وفئوي جديد.

ولكن رغم كل الأثمان التي دفعها الشعب الإيراني من أرواح أبنائه والدمار الذي لحق بموارده والضربات الجادة التي وقعت على ثقافته العرفية وأخلاقه العامة بالترويج للخرافات في المجتمع الإيراني وتعريضه لطبقية شديدة و… إلخ  فإن نظام حكم رجال الدين في إيران وطبقا لتقدير تأريخي لما جرى طيلة عقود مضت قد مهّد الطريق تماما لعصر نهضة في إيران حيث أن الشريعة أو الدين والثقافة الدينية والقراءات الدينية والأهم منها مؤسسة رجال الدين أو المؤسسة الكهنوتية الإيرانية لن تعود تتمكن من تقرير مصير المجتمع الإيراني بل إن القراءة الفقهية للإسلام في إيران والمتمثلة في مؤسسة رجال الدين ستنحسر وتضعف بحيث ليس ستزول المراكز الدينية فحسب وإنما ستنحل وتنهدم الحوزات والمدارس الدينية وستنهار المؤسسة الكهنوتية وستنعدم الفئة المسماة برجال الدين والعاطلة عن أي عمل مفيد للمجتمع أيضا.

فحاليا هناك سؤال اساسي وهو أنه لو لم تقم ثورة شباط الإيرانية ولو لم يحكم إيران نظام ديكتاتوري ديني طوال عدة عقود، فهل كان استئصال جذور مؤسسة رجال الدين في إيران يعتبر أمرا ممكنا أم لا؟

إن نظام الحكم القائم في إيران هو الذي تسبب في ابتعاد المجتمع الإيراني عن دين الملالي وكراهية عموم ‏الناس له الأمر الذي روج له “كسروي” والمثقفون الإيرانيون الآخرون، فحاليا يجب تهيئة الإمكانية ‏لإضفاء الطابع التأسيسي لهذا الإنجاز التأريخي.‏ وهذا يعني أن فصل الدين عن الدولة، سيؤدي إلى انطلاق عهد جديد من الحكم في إيران وهو عهد ستكون فيه الهوية الوطنية والمصالح القومية وحماية الكرامة الإنسانية والقضاء على التمييز والاضطهاد أساسا لجميع الأمور؛ لأن المجتمع التأسيسي والمؤسسات المستقلة عن السلطة، سوف يؤديان دورهما التاريخي لتتوفر الإمكانية ويتسنى العمل لبناء نظام ديمقراطي في إيران.